استخدام اقتباسات الآباء اليونانييين في النقد النصي للعهد الجديد: حالة التساؤل
تأليف : جوردن د. فيي
ترجمة : د. مختار عبد الفتاح
كانت النظرة –في النقد النصي للعهد الجديد-للاقتباسات الآبائية عادة على أنها هي الدليل الثالث من حيث الأهمية، بعد المخطوطات اليونانية والترجمات المبكرة. حيث تعتبر شأنها شأن الترجمات المبكرة، أدلة غير مباشرة، أو بمعنى أصح أدلة تكميلية فيما يخص نص العهد الجديد (1)، لذا غالبا تعتبر أهميتها من الدرجة الثالثة. لكن الحقيقة هي أن الأدلة الآبائية لها أهمية أساسية، سواء في مهمة إعادة بناء تاريخ النص أو في استعادة النص الأصلي. فعلى سبيل المثال، استخدم ف. ج. أ. هورت. اقتباسات الآباء كواحد من ثلاثة معايير في تحديد الطابع الثانوي للنص البيزنطي (2) ولا يزال استخدامه لاقتباسات الآباء في نقاشه مع عزرا أبوت Ezra Abbot في يوحنا ( 1: 18) (1876: 30-42 ) أنموذجًا في تقييم البيانات، رغم استخدامه – بدافع الضرورة – لبعض نصوص الآباء غير النقدية.
أولا: المشاكل:
والمشكلات المتعلقة باستخدام هذا الدليل ثلاثة وهي تعكس بالترتيب الأب نفسه، وعملية انتقال هذا الدليل، وحاجتنا إلى التمييز بدقة بين ما هو أساسي بحق وما هو ليس كذلك.
1- أب الكنيسة وكتابه المقدس:
إن المشاكل التي تنتج عن الآباء أنفسهم، وعاداتهم في الاقتباس، هي مشاكل متعددة ولوحظت بشكل متكرر. وهي تغطي أساسا أربعة مجالات:
1-مسألة الكتابة أو الاقتباس من الذاكرة، هل قام الأب بالاقتباس من الكتاب المقدس عن طريق النظر في العبارة ثم نسخ نصه منها أم قام ببساطة بالاقتباس من
—————————-
1- توجد مثل هذه الأحكام بانتظام في كتيبات النقد النصي، وآخرها بقلم متزجر Metzger (1968a: 86-88)، و ك. و ب. ألاند K. and B. Aland. 1987: 166-69). هذا الأخير مفيد بشكل خاص، حيث أن فصلاً كاملاً مخصص للترجمات المبكرة، بينما يتلقى الدليل الأبوي اليوناني أقل من ثلاث صفحات، يرثي في معظمها الصعوبات ونقص الدراسات الصحيحة أو النهائية لنصوص الآباء. راجع أيضًا المقالات العامة لـ ساجز Suggs 1958، التي تصف هذه الأدلة بأنها “تكميلية”، ومتزجر Metzger (1972: 379-400)، الذي يتحدث عنها كـ “غير مباشرة”.
2- 1881: 2.107-15. راجع استخدام هذا الدليل من قبل استريتر 1942: الفصل. 4.
344
الذاكرة؟ فلو كان ذلك من ذاكرته، كما يبدو أنه حدث في الأغلب، فهل يمكن أن تكون ذاكرته موثوقة لإعادة إنتاج نسخة الكتاب المقدس التي كان يمتلكها الأب؟
- مسألة عادات الاقتباس، وعادات الآباء في الاقتباس تتراوح ما بين من هو دقيق إلى حد ما ( مثل أوريجانوس) ومن هو باهتمام معقول ( مثل يوسابيوس) إلى من هو مهمل بشكل ملحوظ (مثل أبيفانيوس)، ومن ثم فعادات كل أب نفسه، لابد أن تدرس بعناية قبل أن نعتبر اقتباساته مفيدة تماما.
- طبيعة/نوع العمل الذي نحن بصدده، عند كثير من الآباء، تختلف دقة الاقتباس ما بين عمل وآخر (3)، فالجزء الذي عادة ما يكون هو الأكثر دقة، هو ما يتعلق بالتعليقات، والأطروحات الخلافية، خصوصا الأخيرة في حالة إذا تعلق بمعنى النص الكتابي. بينما لا يمكن أن نتوقع أن يكونوا بالضرورة بهذه الدقة في الرسالات والعظات
- عدد النسخ من الكتاب المقدس التي يستخدمها الأب، ربما تعتبر من الجرأة أن نفترض أن أي أب، يكتب لمدة تتراوح ما بين ثلاثين إلى أربعين سنة، يمتلك نسخة واحدة من الكتاب المقدس، بل ربما تعتبر من الحماقة أن نفترض أن الأب امتلك نسخة واحدة في أي وقت. بعد كل شيء، منذ وقت مبكر – كزمن أوريجانوس– كان هناك اعتراف بوجود العديد من النسخ من الكتاب المقدس، علاوة على ذلك، كان بعض الآباء دائمي التنقل بين وقت وآخر (مثل إيريناوس وأوريجانوس وأثناسيوس ويوحنا فم الذهب)، لذا فهم ليسوا فقط قد استخدموا عدة نسخ من الكتاب المقدس على مدار فترة حياتهم، بل استخدموا نسخ من أماكن جغرافية مختلفة، بها أنواع مختلفة من النص.
2- النساخ و المحررون:
إن جميع الأسئلة المتعلقة بالنسخ والتي تم توجيهها إلى مخطوطات العهد الجديد يجب أن تطبق كذلك على كتابات الأباء، خصوصا في الأجزاء التي يقتبسون فيها من الكتاب المقدس. لقد كان معروفا منذ فترة طويلة أن رهبان القرون الوسطى، والذين ندين لهم بالكثير من نسخ الآباء الموجودة. كانوا في بعض الأحيان يكيفون في بعض العبارات من الكتاب المقدس لتتوافق مع نصوص معاصرة أكثر، ومع ذلك فقد أشار ساجز Suggs في (1958: 140) إلى أن هذه المشكلة يمكن أن تكون مبالغا فيها! حيث أن هناك دليل قوي على أن النساخ المدربين كانوا يعتنون عادة بالدقة اللفظية.
ولسوء الحظ، فليس هناك ناسخ معصوم من الخطأ. وهذا صحيح ليس فقط في الطبعات الأقدم، أو الأقل من الناحية النقدية (والتي عرضها مايجن Migne في كتابه “علم الآباء اليونانيين” “Patrologia Graeca”، حيث أضاف هو نفسه في بعض الأحيان أخطاءه الخاصة!) بل صحيح كذلك في الطبعات مثل طبعة بيوسي E. Pusey لكيرلس بابا الإسكندرية (4)، أو بعض محرري “الكتاب المسيحيين اليونانيين من القرون الثلاثة الأوائل” “Die griechischen christlichen Schriftsteller der ersten dreiJahrhunderte” .(أنظر أسفل) والنتيجة النهائية هي أنه مع أن النسخ النقدية ضرورية وقد أفادتنا بشدة في زيادة وصولنا إلى نصوص الآباء من العهد الجديد، إلا أنه يجب أن تستخدم بشكل نقدي عند من يحاول استرجاع هذه النصوص.
3- الحاجة إلى التمييز:
تكمن المشكلة هنا في وجود الأحكام، أو عدم وجودها. فيما يخص مستخدمي هذه المعلومات. وهذا صحيح غالبا بالنسبة لآحاد الكتاب، والذين يكون استخدامهم لدليل اقتباسات الآباء
———————
3- يؤكد عملي الخاص على استشهادات الآباء على هذا الحكم الذي ذكر أول مرة من بيب Bebb 1890: 216, وتكرر من سوجز Suggs 1958: 143 ومتزجر Metzger 1972: 379-80.
4- (عن هذا السؤال انظر ملحوظة رقم 1 في الفصل السابق).
345
في بعض الأحيان يعطي فكرة خاطئة بفشلهم في عملهم بدقة على اقتباس الأب ضمن السياق (5).
ولكن أيضا، يعد هذا صحيحا وبشكل خاص في التعليقات النقدية لطبعاتنا النقدية الأساسية، والتي بدورها تؤدي إلى عدد من الأحكام الخاطئة من جانب مستخدمي مثل هذه الطبعات. وغالبا ما يكون هذا بسبب قلة الوقت والمصادر المتاحة للبحث في كل اقتباس آبائي في عبارة معينة. وهذه المشكلة موضحة بشكل جيد في التعليقات النقدية لنسخة (UBS3: للعهد الجديد باليونانية), والتي يستخرج الدليل فيها غالبا من التعليقات النقدية لـ تشيندروف Tischendorf وفون سودين von Soden (6).
في هذا النص لأول مرة، على الرغم من محدودية اختياره، فإن الباحث العامل يجد فيه قائمة سهلة وموثوقة من الأدلة اليونانية وأدلة الترجمات لمعظم الاختلافات النصية ذات الأهمية (من نواحي الترجمة) في العهد الجديد. لكن الأدلة الآبائية تكون غالبا إما غير كاملة أو غامضة أو غير موثوقة.
لا يمكن الوثوق مطلقًا بهذا الدليل بشكل ضمني، كما يمكن للمرء أن يثق في الأدلة اليونانية وأدلة الترجمات، والدراسة الدقيقة لأي من هذه الفقرات تتطلب دائمًا تحليلًا شخصيًا مباشرًا لبيانات اللآباء (7).
ويجب أن ننوه كذلك أن المشكلة ليست من خطأ محرري نص UBS؛ ولكنها ناتجة عن ثغرة كبيرة في دراسات العهد الجديد، خصوصا جمع وعرض نصوص العهد الجديد المستخدمة من قبل الآباء اليونانيين(8)، بناءً على تحليل دقيق للبيانات المتاحة وتقييمها. لقد أعرب هورت Hort بنفسه عن أسفه لهذه المشكلة منذ أكثر من مائة عام فقال: “من الحقائق المؤسفة أن كثيرا من البراهين والأدلة الآبائية تظل غير مؤكدة في ضوء معلوماتنا الحالية. لكن هذه هي الحقيقة. كثير من عدم التأكد التي نحن فيها بلا شك، قد يزول – ولو بشكل جزئي-عندما يتم تحرير كتابات الآباء باهتمام “(1876: 5). إنه الواقع المؤسف لهذا العلم أنه بعد مرور أكثر من مائة عام، استطاع محررو آلاند أن يرثوا نفس الرثاء حول حالة هذا الدليل، مما يعني أن الغالبية العظمى من العمل في هذا المجال ما تزال تنتظر من يقوم بها (1987: 168 -69).
هذا لا يعني أن بعض الأعمال لم تتم. في الواقع، يمكن العثور على تحليلات للنصوص الآبائية اليونانية متناثرة في النصوص الأدبية وفي العديد من الأطروحات غير المنشورة.(9) ولكن لسوء الحظ فإن معظم هذه الدراسات تعاني من فشل حقيقي في المنهجية المستخدمة (10) والأجزاء المنشورة من هذه التحليلات تهتم فقط بتقديم قوائم الاختلافات والإحصائيات. فحتى كتابة هذه السطور، من بين كل الآباء اليونانيين. لم تُصدر نسخة كاملة إلا لكتابات كليمندس السكندري Clement of Alexandria ( ميس Mees 1970) وغريغوريوس أسقف نيصص Gregory of Nyssa (بروكس Brooks 1991). وعلاوة على ذلك فلدينا نصوص
—————–
5- يعد استخدام مناقشة أوريجاونس لنص لوقا 10 :24 في مخطوطة كاتينا رقم 78 في يوحنا من. أوغسطين M. Augsten وأ. بيكر A. Baker مثالا على ذلك. انظر الفصل الخامس.
6- انظر في المقدمة إلى نسخة UBS3 صفحة xxxvi
7- فعلى سبيل المثال، عند دراستي للوقا 10 :41-42 من المطبوعة التذكارية لمتزجر Metzger Festschrift (1981) كان تحليل الدليل الآبائي -والذي يعد دليلا أوليا شديد الأهمية لهذا المقطع – موضحا أن UBS3 لا يمكن الاعتماد عليها في ستة أجزاء: (باسيليوس في القراءة 1 – إكليمندس وباسيليوس في القراءة 2-أوريجانوس في القراءة 5 – إكليمندس وأغسطين في القراءة 6). ذلك غير العديد من الأجزاء غير المكتملة لآخرين مثل إفاغريوس البنطي Nilus Evagrius, وأغسطين Augustine في القراءة 2. وكاسيان وأولمبردس Cassian, Olympiodorus في القراءة 4. ومثل هذه المشكلات تتكر مرات ومرات في هذه النسخة.
8- يمكن الوصول بسهولة إلى أدلة الآباء اللاتينيين فيما قبل الفولجاتا، من معهد فيتوس لاتينا (vetus Latina) في بيرون، وتعد قيمتها محدودة أيضا. حيث أن النص الممثل لهولاء الآباء معظمه هو النص الخاص باللاتينية القديمة. للحصول على هذه البيانات انظر فريدي Frede 1971.
9- للحصول على قائمة انظر ن.6 في الفصل 15
10- حكم محررو نستله- آلاند بأن ولا واحدة من هذه الدراسات تستحق أن يُهتم بها.
346
الأناجيل عند ديديموس السكندري Didymus of Alexandria (إيرمان Ehrman 1986) ونص لجزء بولس في هيبوليتوس روما (أوسبورن Osburn 1982)، بالإضافة إلى النص الذي أعيد بناؤه من يوحنا 4 في مخطوطات أوريجانوس Origen وكيرلس Cyril (فيي 1971 أ) والنص المتاح لمرقس في يوحنا فم الذهب Chrysostom (فيي 1990ب). طالما أن مثل هذا الموقف يسود، فإن الفائدة من معلومات الآباء اليونانيين ستكون خارج متناول معظم العلماء العاملين.
ومع ذلك، نحن الآن في مرحلة من التاريخ حيث يمكن إحراز تقدم كبير. في بحث مستفيض عن الاقتباسات الآبائية، والتي قدمته قبل عشرين عامًا في مشاورة خاصة حول النقد النصي للعهد الجديد، (11) أشرت أن هناك ست مهام أساسية يتوجب علينا القيام بها: (1) استمرار نشر الطبعات النقدية الجيدة للآباء؛ (2) فهرس الاقتباسات من العهد الجديد لجميع الآباء لكل سفر من أسفار العهد الجديد؛ (3) إعادة البناء النقدي، أو العرض التقديمي الكامل والنقدي، لنص العهد الجديد لكل لأب؛ (4) تقييم كل العلاقات النصية للأب، أو وضع أدلة الأب في تاريخ انتقال النص؛ (5) تقديم هذه الأدلة في مختلف أدوات التعليقات النقدية و(6) تقييم واستخدام الاقتباسات الآبائية في استعادة النص الأصلي للعهد الجديد. وفي هذه الدراسة الحالية، سنعيد تصنيف هذه المهام إلى أربعة مجموعات -جمع الأدلة، وعرضها، وتقييمها، واستخدامها -مع بعض التعليقات من طراز “أين نحن” أو ” أين يجب أن نكون” في كل واحدة.
ثانيا: جمع الأدلة
إن الوصول إلى بيانات الآباء قد يكون هو الجزء الأكثر إحباطا عند محاولة أي باحث التعامل بالتفصيل مع اختلاف نصي معين. لحسن الحظ ، فقد قلت حالة الإحباط جزئيا في هذه الفترة. وهدفي هنا هو ببساطة عرض المشهد الحالي، حتى وقت وقت كتابة هذه السطور.
1- الفهرس للآباء.
يعد كتاب معجم الآباء اليونانيين ( Clavis Patrum Graecorum) المكون من أربعة مجلدات، والذي تم نشره في سلسلة مجموعات الكتابات المسيحية اليونانية (Corpus Christianorum) (ترنهوت (Turnhout، دليلا لا غنى عنه في الوقت الحاضر للآباء اليونانيين وأعمالهم (12) و ينبه المعجم إلى جميع الأعمال للأب المعين، وأفضل الطبعات النقدية، والمناقشات حول أصالة النص، وتوفر العمل في الترجمات المبكرة، والأكثر أهمية هو الببليوغرافيا (قائمة المراجع). وهذا مما يساعد كذلك على توحيد المصطلحات.
-
2. النسخ النقدية
على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به (13)، إلا أن نظرة عابرة في خلال المعجم تكشف أن نشر الطبعات النقدية لا يزال مستمراً. إلى جانب السلسلتين الرئيسيتين، الكتاب اليونانيون المسيحيون في القرون الثلاثة الأوائل (1897) Die Griechischen Christlichen Schriftsteller der ersten drei Jahrhunderte والمصادر المسيحية (1941) Sources chrétiennes ، تظهر النسخ النقدية أيضًا في
——————————-
11- بدعوة من جمعية الآداب الكتابية SBL في اجتماعها السنوي التسعين، الذي عقد في نيويورك، 22-27 أكتوبر 1970. نُشر البحث لاحقًا في جزأين (1971 أ، 1971 ب) (اللذان هما الفصلان 15 و16 في هذا الكتاب).
12- بالنسبة للآباء اللاتينيين، انظر: معجم الآباء اللاتينيين (Clavis Patrum Latinorum) (براج Brugge: كارل بايرت Karel Beyaert 1961)
13- لا تزال الحاجة الأكثر إلحاحا هي عدم وجود نسخة نقدية لمعظم أعمال يوحنا ذهبي الفم Chrysostom.
347
مجموعة متنوعة من الأماكن الأخرى. ويحتاج المرء دائمًا إلى استشارة المعجم لمعرفة أحدث نسخة من أعمال الأب محل الدراسة.
تكمن أهمية وفائدة هذه النسخ في أنها نادرا ما يُبالغ في قيمتها، فعلى سبيل المثال، اقتباسات هيبوليتوس الرومي Hippolytus of Rome من العهد الجديد. اعتمادا على التجميع الكبير للاقتباسات الآبائية الذي قام به ج. ك. بارجون J. W. Burgon (14) والتي جميعها معتمدة على نسخ غير نقدية، جادل هـ ت.هوسكير H. C. Hoskier في أن اقتباسات هيبوليتوس من 4 :13-17 من الرسالة الأولى إلى تسالونيكي 2 :1-12 من الرسالة الثانية إلى تسالونيكي (في كتابه عن المسيح والمسيح الدجال Christ and Antichrist) “وجدت بشكل عام على جانب (المخطوطات البيزنطية)” (1914:427). ولكن التحقق من هذه الاقتباسات في طبعات (Achelis edition of GCS) أكيليس من المدرسة الكنسية الألمانية، يوضح أن نص هيبوليتوس يتفق باستمرار مع D F G والترجمة اللاتينية القديمة OL (انظر: فيي Fee 1979: 419-20 واوسبارن Osburn 1982)، وهو في الواقع ما يتوقعه المرء من شخص عاش في روما في أوائل القرن الثالث.
وعلى الرغم من ذلك، فكما لوحظ من قبل بالنسبة للنقد النصي للعهد الجديد، يجب أيضًا توجيه ملاحظة تحذير، نظرًا لأن محرري هذه النسخ ليسوا دائمًا على دراية باالطبيعة الخاصة لاقتباسات العهد الجديد. أو بعادات الاقتباس عند الأب (15) لذا فيجب على المرء ألا يأخذ الطبعة بظاهرها أبدًا، ولكن يجب أن يكون دائمًا على استعداد لإعادة التفكير مع المحرر فيما يتعلق بأي من القراءات المختلفة في التقليد المخطوطي للآب نفسه على الأرجح قد تمثل النص الفعلي للآب.
-
3. فهرس الاقتباسات الآبائية
للعثور على دليل الاقتباس الآبائي لأي نص معين من العهد الجديد، تتوفر الآن المجلدات الأولى من فهرس الاقتباسات التي تشتد الحاجة إليها للغاية من “مركز التحليل والتوثيق الآبائي التابع لكلية اللاهوت البروتستانتي في ستراسبورغ” (ألينباخ 1975Allenbach -1987).
“Centre d’Analyse et de Documentation patristique of the Faculty of Protestant Theology of Strasbourg”
وتشمل المجلدات الأربعة الأولى جميع آباء القرنين الثاني والثالث، بالإضافة إلى ثلاثة آباء فلسطينيين من القرن الرابع (يوسابيوس القيصري، كيرليس الأورشليمي، إبيفانيوس السلاميسي). لحسن الحظ، هذا الفهرس لكل الاقتباسات من الكتاب المقدس، وليس مقتصرا على العهد الجديد، ولحسن الحظ أيضًا، ولكن لأغراض نصية محبطة إلى حد ما، يضم التلميحات، وكذلك الاقتباسات والتعديلات أيضا. في كثير من الأحيان، يجب على المرء أن يتصفح عددًا كبيرًا من القوائم غير المرتبة من أجل الوصول إلى قدر ضئيل من البيانات النصية. ومع ذلك، فإن مثل هذا الفهرس الشامل يعتبر خطوة ضخمة إلى الأمام.
-
المشروع العالمي للعهد الجديد اليوناني: في لوقا
نشر المشروع العالمي للعهد الجديد اليوناني (IGNTP)، الذي يتجاوز عمره الآن أربعين عامًا، مؤخرا نسخته من الأدلة المتاحة لإنجيل لوقا .(16) ويلاحظ أن الأداة النقدية الآبائية في هذه الطبعة تمثل تقدمًا كبيرًا عن أي شيء متاح لإنجيل لوقا حتى الآن، ومع ذلك، على الرغم من قيمتها، لا تزال هناك
—————
14- لهذه التجميعة، انظر متزجر Metzger 1972:171
15- جميع الذين عملوا عن كثب مع هذه البيانات لديهم قصص يروونها. راجع، على سبيل المثال، فيي Fee 1971 ب: 164 ن. 2 (على طبعة بروشن Preuschen عن اوريجانوس Origen)؛ ساجز Suggs 1958 : 141 ن.1 (على طبعة هيكال Heike من يوسابيوس)؛ وانظر ك. وب. ألاند 1987 في طبعة قبرص)
16- العهد الجديد في اليونانية. الانجيل لوقا. الجزء الأول ، الفصول 1-12 (أكسفورد: كلاريندون Oxford: Clarendon 1984)؛ الجزء الثاني، لفصول 13-24 (1987). للاطلاع على تاريخ البيانات الآبائية في هذا المجلد، انظر دوبلاسي وساجز Duplacy and Suggs 1971.
348
بعض العيوب في هذه النسخة، (17) خاصة وأن الأداة النقدية تفتقر إلى طريقة لتكون حساسة لعملية التقييم..
بفضل هذه الأدوات المتنوعة، أصبح بإمكان المرء الآن الوصول إلى النسخ النقدية لأعمال الآباء وجميع المراجع الكتابية الخاصة بهم. ولكن المهمة الأكبر لا تزال قائمة، وهي عرض هذه البيانات في إطار تقييم كامل.
ثالثا. عرض الأدلة
لسوء الحظ، على الرغم من التقدم الجيد الذي تحقق على مدار العشرين عامًا الماضية، لا يزال بيننا وبين الوصول السهل إلى البيانات الآبائية الموثوقة سنوات عديدة، وهنا لدينا احتياجان أساسيان: (1) العرض الكامل، مع التقييم الدقيق، لنصوص العهد الجديد المستخدمة من قبل كل أب بمفرده، أب بعد أب، وعند الضرورة، عمل بعد عمل؛ (2) إنتاج أداة تعليقات نقدية للأدلة الآبائية في طبعاتنا النقدية التي يمكن استخدامها مع قدر مماثل من الثقة كما هو الحال مع أدلة المخطوطات والترجمات.
ما نحتاجه في المقام الأول هو عرض كامل لنص العهد الجديد لكل أب من الآباء اليونانيين، حيث يمكن استنتاج هذا النص من أعماله الموجودة حاليا وإما تقديمه أو إعادة بنائه في بعض الحالات، حيثما كان ذلك ممكنًا أو ضروريًا. وتحقيقًا لهذه الغاية، تم إطلاق سلسلة تحت رعاية جمعية الأدب الكتابي من خلال مطبعة العلماء بعنوان “العهد الجديد عند الآباء اليونانيين: النصوص والتحليلات NTGF)) (18).
The New Testament in the Greek Fathers: Texts and Analyses (NTGF (
والتي فيها يمكن الآن نشر هذه العروض على هيئة منسقة، إما كنسخة من كامل العهد الجديد لأب معين ،(19) أو أجزاء منه.(20) يجب أن تكون متغيرات هذه السلسلة، الموضحة هنا، بمثابة إرشادات أساسية لجميع التقديمات المماثلة. (21)
- توفر مقدمة كل مجلد موجزًا عن حياة الأب وكتاباته، وتناقش المشكلات الخاصة المرتبطة بتحليل وتصنيف اقتباساته من نص العهد الجديد. ويشمل هذا عادةً (1) مناقشة المشكلات المتعلقة بأصالة الأعمال المنسوبة إلى الآب عادة، (2) الظروف الأخرى في حياته والتي قد تعقّد
————-
17- راجع، على سبيل المثال، مراجعة بيترسن Petersen (1988)، الذي يبرز بشكل خاص أوجه القصور في الأدلة الآبائية. هذه المشكلات ناتجة بسبب عوامل عدة، معظمها يتعلق بعدم وجود رقابة مناسبة على مدار العقد بين 1955 و1966. خلال تلك الفترة تم جمع كمية هائلة من البيانات عديمة الجدوى تقريبًا، لأن جامعي هذه البيانات (1) لم يستخدموا الإصدارات النقدية (اعتمدوا في الغالب على الآباء اللاتينيون لمايجن Migne’s PG)، و(2) حتى ذلك الحين لم يقرءوأ بعناية نص الآب، ولكنهم اعتمدوا على مراجع مايجن المشهورة بعدم الوثوق بها، بحيث في بعض الأحيان كانت غير مكتملة إلى حد كبير. تم التعاقد مع كاتب هذه السطور من قبل المشروع لقضاء صيف عام 1969 في معرفة ما يمكن القيام به مع المواد المتاحة لذلك الوقت. سرعان ما اكتشفت أنه هناك الكثير مما لم يتم انجازه بعد، وأن الكثير الذي تم القيام به بحاجة إلى إعادته. بعد عدة أشهر من العمل (استمرت حتى الخريف)، انتقلت إلى ملفات المحررين من البطاقات والتي تم فحصها أو إعادة بنائها من 90 إلى 95 في المائة تقريبًا. من خلال هذه العملية، لا بد أن بعض الأخطاء قد شقت طريقها إلى الأدوات النقدية.
18- تم تحريره حاليًا بواسطة جوردن د. فيي Gordon D. Fee وبروس م. متزجر Bruce M. Metzger ووليام لـ. بيترسن Willia m L . Petersen وبارت إيرمان Ehrman Bart..
19- كما هو الحال مع عرض ميس Mees لكليمندس السكندري Clement of Alexandria (1970)؛ راجع المجلد. 2 من NTGF لجيمس بروكس Jame s Brooks، للعهد الجديد الكامل لجريجوري أسقف نيصص Gregory o f Nyssa
20- كما هو الحال في المجلد الأول من NTGF لإيرمان Ehrman (1986)، من نص الأناجيل لديديموس الضرير Didymus the Blind
21- يجمع الرسم التوضيحي التالي المواد من مقترح أصلي مقدم من المؤلف في الاجتماع المئوي لجمعية الآداب الكتابية (SBL) في عام 1980 مع العرض التقديمي الذي قدمه بارت إيرمان Bart Ehrman في الاجتماع السنوي لجمعية الآداب الكتابية (SBL) في عام 1986، معلناً عن الظهور الفعلي لهذه السلسلة.
349
التحليل النصي (على سبيل المثال، عمى ديديموس Didymus، أو تنقلات أوريجانوس Origen أو يوحنا فم الذهب Chrysostom من مكان إلى آخر)، و(3) التعليقات على عادات الأب في الاقتباس التي قد تسهم في التحليل الرسمي.
- المكون الثاني هو العرض الفعلي للنص، والذي في كل حالة يجب أن يستند فقط إلى نسخ نقدية من أعمال الآب. التقديم نفسه يأخذ واحدًا من شكلين، اعتمادًا على كمية الأدلة وطبيعة عادات الأب في الاقتباس. أولاً، عندما يقتبس الأب (أ) بحرية، و/ أو (ب) يقتبس بشكل غير متكرر، و/ أو (ج) يقتبس نصوصا في شكلين أو أكثر، فإن الإجراء الأسلم هو سرد جميع الأشكال المختلفة التي يقتبس فيها النص، بطريقة مشابهة لدراسة نص كليميندس Clement من قبل م. ميس M. Mees (1970). ومع ذلك، على النقيض من عمل ميس M. Mees، فإن إجراء تقييم أكثر شمولًا للبيانات حول ما يشكل بالفعل نص كليميندس Clement هو أمر ممكن ومرغوب فيه.
الطريقة الثانية هي الطريقة التي اقترحها المؤلف منذ بضع سنوات لأوريجانوس Origen وكيرلس السكندري Cyril (1971 أ)، حيث تم تقديم نص الأب للعهد الجديد الذي أعيد بناؤه بعناية. يجب أن يحرص هذا التقديم على عدم فقدان أي جزئية من الدليل، بما في ذلك الاختلافات النصية في نقل عمل الآب؛ في الوقت نفسه، يتم إجراء تقييم شامل للبيانات حتى يتم تقديم نص العهد الجديد إلى أقصى درجة ممكنة من المشابهة لنص العهد الجديد الذي كتبه الأب.
- في مرحلة ما، إما مع تقديم النص نفسه أو في قائمة كاملة في مكان آخر، يتم تضمين أداة نقدية لنص الآب، وجمعه ومقارنته بالكامل مع مخطوطة تحكيمية مختارة بعناية تمثل المجموعات النصية المنشأة سابقا. ليست هناك حاجة إلى مجموعة معيارية موحدة من الشهود، ولكن عادة ما يتم تضمين عشرين إلى أربعين من أهم ممثلي النصوص. يتم عرض التجميعات لجميع الاقتباسات بالكامل (أو التعديلات عليها القابلة للاستخدام).
- ثم يتم تحليل هذه البيانات للتأكد من الميول النصية أو علاقات نص الآب مع الشهود الآخرين المتاحين لنص العهد الجديد. المنهجية الأساسية المستخدمة هنا هي الطريقة الكمية، التي ابتكرها أ.كـ. كولويل Colwell وتم تحسينها بواسطة جـ.د.فيي Fee (1968أ)، حيث تم تحديد النسب المئوية من الاتفاقات المتفق عليها بين نص الأب وجميع المخطوطات الأخرى في عملية الجمع، حيث تتفق أي اثنين منهما على الاختلاف مقابل البقية.
ونظرا لأنه بالنسبة إلى معظم الآباء، هذه الطريقة تحدد فقط العوامل الأوسع نطاقًا لعلاقاته النصية، فهناك أيضًا حاجة إلى مزيد من التحليل. قد يأخذ هذا شكل ملفات تعريف توصيفية للمجموعات، والتي بدأها بارت إيرمان Ehrman (1987)، أو بطريقة الملفات التوصيفية التي ابتكرتها عند دراستي لنص يوحنا ومرقس عند يوحنا فم الذهب (1980ب) حيث يتم فصل اتفاقات / خلافات الأب مع نص الأغلبية و UBS3، وكذلك جميع القراءات الفردية والاتفاقات شبه الفردية.
- أخيرًا، سيختتم كل مجلد عادةً ببعض العبارات التي تشير إلى النتائج التاريخية للدراسة، خاصة فيما يتعلق بكيفية مساهمة التحليل في زيادة فهمنا لتاريخ انتقال العهد الجديد. سوف تختلف أهمية هذه الاستنتاجات، ولكن تظل قدرتها على مساعدتنا في كتابة تاريخ نص العهد الجديد كبيرة، لأنها توفر لنا دليلا قاطعا على حالة النص في نقطة جغرافية قابلة للتأريخ (22).
———————–
22- اقترح إيرمان Ehrman أيضا وأدرج في مجلده، ملحقا لنتائج الدراسة والتي يمكن أن تصبح جزءا من أدوات UBS النقدية
350
بالكاد يمكن التأكيد على مدى فائدة مثل هذه التجميعات والتقديمات من الأدلة الآبائية بالنسبة لمستقبل هذا التخصص؛ ومن المأمول أن يجد العديد من العلماء بعض الوقت للانخراط في هذا الجهد، أو على الأقل لتوجيه العلماء الأصغر سناً نحو الرسائل التي قد يتم تضمينها في نهاية المطاف في هذه السلسلة. (23).
رابعا. تقييم الأدلة
منذ أكثر من أربعين عامًا، جادل ر.م. جرانت R. M. Grant في أن “الاقتباسات الأبوية لا تعتبر اقتباسات ما لم يتم تحليلها بشكل كاف” (1950: 124). وفي الواقع ولسوء الحظ، فإن الأمثلة العديدة على الاستخدام المهمل أو الغير صالح بالكلية، تتطلب وجوب أن يصبح ما صرح به جرانت هذا، بديهية لا يمكن خرقها في تخصصنا. ونحتاج هنا إلى شيئين أساسيين: أولاً، هناك حاجة إلى وضع مجموعة من المعايير، أو المبادئ التوجيهية، والتي من خلالها يتم تقييم درجة اليقين أو الشك فيما يتعلق بأي اقتباس آبائي. ثانياً، من أجل أولئك الذين يستخدمون إصدارات نستل الاند 26 (26NA) أو UBS3 في العادة، هناك حاجة لوسيلة يتم من خلالها التعبير عن درجات اليقين أو الشك هذه في الأداة النقدية، وبالتالي يتمكن المستخدم من التحرك نحو نفس الدرجة من الثقة فيما يتعلق بهذه البيانات كما هو الحال مع الأدلة من المخطوطات والترجمات.
وفيما يلي نقدم إرشادات كقائمة عمل أولية تجاه هذه المجموعة من المعايير، للبدء من ما هي مواد مؤكدة وصولا إلى ما هي مواد مشكوك فيها للغاية. وفي الوقت ذاته، يتم تقديم اقتراحات حول كيفية ظهور هذا اليقين والشك في أحد الأدوات النقدية، بما في ذلك عينة من إعادة صياغة الأداة النقدية للوقا 10 :42.
- يمكن إدراج اسم الأب بالخط العريض bold type عندما نكون على يقين بشكل لا يقبل الشك فيما يتعلق بالنص الفعلي الذي يستخدمه ذلك الأب (بقدر ما قد يتحدث المؤرخون عن “اليقين الذي لا يقبل الشك”)، وتشمل هذه الحالات:
1.1 عندما يشير الآب في مناقشته اللاحقة إلى نفس الكلمات التي استخدمها كاتب السفر.
[على سبيل المثال، أدلة يوحنا فم الذهب عن كان لديه قوة (είχεν έξοίσίαν) في يوحنا 7: 1. في الموعظة 48 hom.. 48 في يوحنا حيث يقول: “ما الذي تقوله يا يوحنا المبارك؟ ألم يكن لديه قوة είχεν έξουσίαν، الذي كان قادراً على فعل كل ما أراد؟ … لأنه عندما يقول أنه είχεν έξοίσίαν، فإنه يتحدث عنه لكونه إنسان، … “؛ راجع تفسير باسيليوس Basil لكلمة قليل (όλίγων) وواحد (ένός) في لوقا 10 :42 في reg.fus. 20.3.]
1.2 في حالة ما إذا كان في أحد التعليقات أو المواعظ أكدت المناقشة فيما بعد صياغة ألفاظ الاقتباس
[على سبيل المثال، مناقشة أوريجانوس Origen المعتبرة لنص صلاة الرب Lord’s Prayer في كل من لوقا ومتى في الصلاة؛ راجع، كمثال على “الحذف” في نص الأب، عظة كيرلس الأورشليمي حول قصة شفاء الرجل المخطئ في يوحنا 5، حيث أنه من المؤكد من خلال مناقشته في العظة نفسها أنه لم يعرف شيئا عن التعليق في الأعداد vv. 3b-4]
————————
23- راجع مناشدة آلاند Alands (1987:169): “هذا هو المجال الناضج لأطروحات دكتوراه لا تعد ولا تحصى وتحقيقات تعليمية. هل هناك أي متطوعين؟ ”
351
1.3 عندما يقتبس الآب اختلافا معروفا يختلف مع نصه هو (24) (في هذه الحالة، بطبيعة الحال، يصبح الأب دليلًا مؤكدا على قراءتين؛ لكن قراءة واحدة هي نص الآب نفسه، والتي تكون هي الأولوية عند استخدام المصادر المنسوبة إليه، بينما دليله في القراءة الثانية يجب أن يستمر في الرمز إليه هكذا (ORIGENmss) (أوريجانوس مخط)
]على سبيل المثال، اوريجانوس Origen، في الموعظة hom. 6.4 في يوحنا، يذكر أن مخطوطات أخرى معروفة لديه يوجد فيها Βηθαβαρά في يوحنا 1 :28 والذي يفضل هو أن تكون Βηθανία في نصه]
١.٤ عندما يكرر الأب النص في التعليق أو العظة أو الجدل بنفس الطريقة مرارًا وتكرارًا.
[يجب على المحررين توخي الحذر المناسب هنا، لأن هذا قد يكون مجرد خطأ دائم من الذاكرة. ولكن في كثير من الحالات يمكن للمرء أن يصل إلى أعلى مستوى من اليقين. على سبيل المثال، أوريجانوس Origen في تعليقه على يوحنا، الكتاب العاشر، يقتبس أو يلمح إلى نص يوحنا 2 :15 خمس مرات تتكرر فيها الكلمات “τά χέρματα”؛ وفي الكتاب الثالث عشر، أتيحت له الفرصة للعودة إلى هذا الحدث واقتبسه مرتين أخريتين ب τά χέρματα. وبما أن هذه القراءة منسجمة مع العلاقات النصية لأوريجانوس في أي مكان آخر، يمكن للمرء أن يتمتع بأعلى درجات اليقين من أن هذه هي قراءة نصه.]
بالنسبة لجميع أنواع الاقتباسات الأخرى، من الضروري تمامًا أن تكون عادات الاقتباس للأب معروفة (على سبيل المثال درجة حرصه على الدقة اللفظية، أو ميله إلى التعديل للتكيف، أو الاقتباس الفضفاض بشكل غير حرفي، أو إعادة الصياغة، أو نحو الحذف أو الاستبدال، وما إلى ذلك). على سبيل المثال، يُظهر أوريجانوس Origen درجة عالية جدًا من الدقة اللفظية (على الأقل عندما يستشهد بإنجيل يوحنا)، بينما لا يُظهر إبيفانيوس Epiphanius عمليا أيًا من ذلك على الإطلاق (25) بينما يُظهر أستيريوس السوفسطائي Asterius the Sophist، درجة عالية من الدقة اللفظية عمومًا، إلا أنه يظهر ميولًا واضحة تجاه حذف الكلمات والعبارات لصالح أسلوب عظاته. هذا النوع من المعلومات مهم بشكل خاص للفئات التالية.
- يجب أن ندرج اسم الأب بحروف كبيرة CAPITALS في الحالات التي يوجد فيها درجة عالية من الاحتمال بأن يكون لدينا نص الأب الفعلي، ولكن ليس بنفس درجة اليقين كما في الفئة 1. وتشمل هذه ما يلي:
2.1 الاقتباس من عدة أعداد بشكل مطول، خاصةً عندما يكون مؤلف السفرأو الكتاب منتقى أيضًا.
]يُفترض في هذا المقام، أنه من المرجح أن يكون المؤلف قد رجع إلى نصه في مثل هذه المراحل أكثر من غيرها. ومع ذلك، يجب على المرء توخي الحذر الشديد هنا؛ لأن هذا هو المكان الذي قد يكون فيه الناسخ لعمل الأب قد قام بمطابقة النص، دون وعي، مع نصه المعتمد عنده هو (على سبيل المثال، الاقتباس الكامل لنسخة متى من صلاة الرب Lord’s Prayer في كتاب أوريجانوس “في الصلاة” Origen’s “On Prayer” قد تم مطابقته للنص السائد بإضافة “ذلك” “ότι” في العدد 5 و”من” “τής” في العدد 10، كما يتضح من مناقشة أوريجانوس اللاحقة). ولكن بالطبع، عند أب مثل أبيفانيوس Epiphanius، الذي لا يرجع إلى نصه، فإن هذا المعيار لا قيمة له (انظر، على سبيل المثال، “اقتباساته” من مرقس 5: 2-14 في كتابه باناريون Panarion)].
——————–
24- انظر، على سبيل المثال، التجميعات المفيدة لهذه الملاحظات في أوريجانوس وجيروم Origen and Jerome التي جمعها متزجر Metzger (1963 أ: 1979).
25- هذه الظاهرة على وجه الخصوص تشوه دراسة قام بها إلدريدج Eldridge 1969؛ راجع مراجعتي (1971 ج).
352
2.2 اقتباس منفصل ذو هيئة نصية تظهر تقاربا واضحا مع علاقات نصية ثابتة أخرى للأب.
[على سبيل المثال، في عظته عن المرأة الخاطئة في لوقا 7: 36-50، يقتبس أمفيلوخيوس Amphilochius في مرتين متقاربتين بـ العدد 37 (v.37) بترتيب نص الأغلبية؛ وبما أن ميوله النصية هي بوضوح في هذا الاتجاه، يمكن للمرء أن يكون متأكدا بشكل معقول أن هذا يمثل قراءة العهد الجديد الخاص به، وكذلك أيضًا أفراد عديدة من الاقتباسات لأوريجانوس عن إنجيل يوحنا التي تتجانس مع P75 و B].
2.3 في معظم الاقتباسات المنفصلة للأب التي تعكس عادات الاقتباس الخاصة به قدرا كبيرا من الدقة اللفظية.
[على الرغم من أنه يجب استخدام هذا مع شيء من الحذر، وعادةً ما تكون مرتبطة بالنقطة 2.2، فإن أوريجاونس يعتبر مثالاً على ذلك. بما أن غالبية الاقتباسات المنفصلة من إنجيل يوحنا المبعثرة في جميع أعماله تتوافق عمومًا مع النص المصري الموجود في شرحه، يمكن للمرء أن يكون متأكدا إلى حد كبير من اقتباساتة المنفصلة من كتب العهد الجديد الأخرى أيضا].
2.4 عندما يلمح الأب إلى لغة المقطع بطريقة تجعل من المستحيل عليه من الناحية العملية أن يكون فعل ذلك دون أن يكون عارفا بالنص الكتابي. [هذا المعيار يتعلق بشكل خاص عندما يكون هناك إضافات/الحذوفات كبيرة. كلمة السر هي “اللغة”. على سبيل المثال، يمكن للمرء أن يفترض من خلال اللغة التي يستخدمها أن ترتليان كان يعرف نصًا في يوحنا 5 الذي يحمل التعليق الهامشي gloss في الأعداد 3b-4. ولكن يمكن للمرء أن يشك بنفس القدر فيما إذا كان القديس ديدموس (دي ترينيتيت) أو أمفيلوخيوس يعرفان نص يوحنا بهذه الكلمات. على الرغم من أنهم يشيرون إلى ملاك يحرك الماء، إلا أن بقية شروحاتهم في كلتا الحالتين لا تعكس فقط “لغة” التعليق الهامشي gloss، ولكن في الواقع تقدم فهمًا مختلفًا للتقليد، وهنا يمكن للمرء أن يكون متأكدًا من أنهم كانوا يعرفون التقليد الواضح في التعليق الهامشي gloss الغربي؛ لكن من المشكوك فيه ما إذا كانوا يعرفون نصًا كتابيًا بهذه الكلمات.(26)]
2.5 حيث يكشف الأب بطرق متنوعة غير قابلة للشك (على سبيل المثال، تصريفات الفعل حيث يتم تغيير الجذر في التلميحات أو التعديلات) عن نصه حيث يكون من المحتمل أن يكون النساخ اللاحقين قد عبثوا به
[على سبيل المثال، على الرغم من ورود “انقلب” “ανέτρεψε” في اثنين من الاقتباسات من يوحنا 2 :15 في الشرح، يشير أوريجانوس في مكان آخر إلى هذا المقطع في خمسة اقتباسات مختلفة، وفي كل حالة يظهر الفعل كشكل مشتق من “انقلاب” “άνατρέπω” (27)]
2.6 في التناظر الإزائي – بين الأناجيل الإزائية – عندما يشير الأب إلى الاستخدام في إنجيل آخر.
[على سبيل المثال، في الموعظة 58 hom. 58 في متى، يشير يوحنا فم الذهب إلى أنه على عكس متى، فإن التلاميذ في مرقس (9 :33) “ουκ ήρώτησαν, αλλ ‘ εν έαυτοίς διελογίζοντο ” (تكررت بعد بضعة أسطر). هذا يعد استدعاء حر من يوحنا فم الذهب للنص البيزنطي من هذا المقطع، ومع ذلك يُنصح بتوخي الحذر هنا
——————
26- للحصول على تحليل أكمل لهذه النصوص، انظر فيي Fee 1982 ب.
27- للاطلاع على البيانات هنا، انظر فيي Fee 1973أ:78-81
353
لأن معظم هذه التلميحات هي من الذاكرة وبعض الآباء مشهورون بأن لديهم ذاكرة سيئة السمعة في هذا الصدد.(28)]
- في معظم الاقتباسات الأخرى، ينبغي أن يكون الأب مدرجا في القائمة بأحرف صغيرة عادية. هذا ليس لإلقاء شك لا لزوم له على الاقتباس الأبوي؛ لكن لإعلام المستخدم بضرورة توخي قدر من الحذر، نظرًا لأن المحررين لا يملكون هنا النوعين من اليقين المذكورين أعلاه بشأن الاقتباس. في معظم الحالات، قد تعكس هذه الاقتباسات النص الفعلي الذي استخدمه الآب، لكن لا يمكن التأكد من صحة النص كما هو موضح في الحالات المذكورة أعلاه.
- هناك فئة واحدة من الاقتباسات التي تحتاج إلى مزيد من التعليق، والتي قد تظهر في أدواتنا النقدية في أي من النماذج المذكورة أعلاه، وهذا يتوقف على معايير أخرى. من المعروف أن الآباء في اثنين أو أكثر من الاقتباسات غالبًا ما يظهرون شكلين أو أكثر من النصوص. في مثل هذه الحالات، يجب أن نلتزم القواعد التالية:
4.1 في كثير من الأحيان، يكشف التحليل الدقيق لجميع البيانات أن الأب في الحقيقة كان يعرف ويستخدم فقط شكلًا واحدًا من النصوص وأن الاقتباس الثاني يعكس إما (أ) خطأ من الذاكرة، أو (ب) حذوفات أو تعديلات غير منطقية ضمن سياق جديد للنص. ويكون هذا صحيحًا بشكل خاص عندما يعكس الاقتباسان شكلًا “طويلًا” أو “قصيرًا” للنص (أي إضافة / حذف أدوات الظرف أو الصفات أو الضمائر أو حروف الجر). في معظم هذه الحالات، يعكس الشكل “الطويل” النص الفعلي للآب، في حين أن النموذج “القصير” هو نسخة مختصرة أعدها الأب نفسه (29). أود أن أزعم أن هذه القراءات “قصيرة الشكل” ليس لها أهمية في أدواتنا النقدية.
4.2 على الصعيد الآخر، في بعض الأحيان يمكن أن يظهر لنا بما لا يدع مجالًا للشك أن الآب قد عرف واستخدم شكلين مختلفين من النص (على سبيل المثال، اقتباسات أوريجانوس من مرقس في شرح يوحنا؛ وعظتا هيسيخيوس Hesychius في ظهور يسوع). في مثل هذه الحالات، يجب أن يُدرج الآب مرتين في القائمة، كدليل معين معقول على أنه علم واستخدم نصين مختلفين.
4.3 في كثير من الحالات، لا يمكن اتخاذ قرار واضح بشأن 4.1 أو 4.2. وعندئذ، يجب استخدام دليل الأب بحذر شديد، وربما ذكره مرتين، ولكن بين قوسين. بالنسبة للجزء الأكبر، من غير المرجح أن يكون الأب قد علم بالفعل واستخدم نصين مختلفين، فإما أنه مذنب بسبب الإهمال أو أن هناك خطأ قد دخل في التقليد النصي للأب. هذا يعني أنه عادة يجب علينا أن نعترف بعدم معرفتنا بنصه بدلاً من الإشارة إلى أنه كان يعرف كلا الشكلين النصيين.
- أخيرًا، في المواقف التالية، يجب على المرء إبداء أقصى درجات الحذر في تضمين أو استخدام نص الأب كدليل داعم. وإذا اختار المرء أن يدرجها في أداة نقدية، فيجب إحاطتها بالأقواس، مع تنبيه القارئ إلى أقصى درجات الشك في كون هذا النص دليلا جيدا.
5.1 التناظر الإزائي بشكل خاص هو عبارة عن حفرة غادرة يجب الحذر من السقوط فيها (30). فعند معظم الآباء، هناك ميل قوي لأن تصبح الاقتباسات المحفوظة متناسقة بشكل معقد، ولكن ربما غير هادف. لذلك، يمكن استخدام هذه الأدلة بثقة في ثلاث فئات فقط من الاقتباسات: (أ) عندما يكون النص جزءًا من شرح أو
—————————
28- على سبيل المثال، في موعظة 44 hom 44. في متى، يقول يوحنا فم الذهب، “لذلك، يقول مبشر آخر أيضًا،” ثم يقتبس من “مرقس 4 :13 قائلا: “كيف عرفت الموعظة؟ “πώς ούν εγνωτε την παραβολήν”
29- راجع الأحكام المماثلة التي أصدرها متزجر Metzger 1972:396
30- انظر بعض الاقتراحات في هذا الصدد : في فيي Fee 1978هـ (الفصل التاسع الآن).
354
عظة على الانجيل محل التساؤل؛ (ب) حيث يخبرنا الآب بشكل صريح عن الإنجيل الذي يستشهد به؛ (ج) عندما تكون المادة المذكورة أو المشار إليها موجودة فقط في أحد الأناجيل.
5.2 من المشكوك فيه عمومًا وضع قدر كبير من الثقة في “الصيغة القصيرة” لنص الأب، عندما يتعامل الفرد مع اقتباس منفصل ويكون “الحذف” المزعوم في بداية أو نهاية الاقتباس(31).
[هذه الصيغة المشكوك فيها كثيرا ما تتكرر في أداة UBS3 النقدية؛ على سبيل المثال، “الحذف” المزعوم لـ Χαί ή ζωή” بواسطة أوريجاونس Origen وطيطس من بصرى Titus of Bostra في يوحنا 11: 25 يعتبر خطأ ظاهرا بوضوح. كما هو الحال مع حذف أوريجاونس ل “واحد” “ή ενός” أو حذف جملة كاملة من قبل كليمندس وأوغسطينClement and Augustine في لوقا 10 :42، وجزء كبير من الأدلة الأبائية ليوحنا 3: 13 وكورنثوس الأولى 2: 14 هي موضع شك كبير، وهنا على وجه الخصوص، يجب أن يتم “تنظيف” أدواتنا النقدية بحذف كل هذه الأدلة المشكوك فيها أو الخاطئة بشكل واضح].
5.3 الحواشي الجانبية في التعليقات والعظات تعد خطرة إلى حد كبير. وتعد أسوأ ما تكون في السلاسل التي كتبها الآباء الأوائل. في الحالة الأولى، ما لم يكن بالإمكان إثبات أن الحواشي الجانبية قد تم الحفاظ عليها بعناية (كما هو الحال في تعليق أوريجانوس على يوحنا)، فهي مفيدة فقط في إنشاء نص الأب عندما يدعمها الشرح اللاحق.
5.4 في الاقتباس المنفصل لـ عدد واحد single verse، لا يمكن أبدًا استخدام دليل الاقتباسات الآبائية على وجود أو غياب (أو استبدال) أدوات الموصول والعطف.(32) في معظم الحالات، إما أن أدوات العطف هذه تم حذفها أو مطابقتها لسياق الأب. لسوء الحظ، توجد نسبة عالية جدًا من هذه “الاختلافات” عديمة الفائدة تقريبا في المشروع العالمي للعهد الجديد اليوناني: لإنجيل لوقا IGNTP. باستثناء تلك الحالات التي يكون فيها الاقتباس من عدة أعداد بشكل مطول، ينبغي الاتفاق عالميا على لاستبعاد هذه العناصر من جميع التحليلات الكمية؛ كما يجب استبعادها من أدواتنا النقدية.
5.5 عند أب معين ذي عدد كبير من القراءات الفردية (على سبيل المثال، عظات يوحنا فم الذهب؛ وباناريون لـ افيفانيوس Epiphanius’s Panarion)، يجب أن يكون المرء حذرًا بشكل خاص في إعطاء أي أهمية لقراءاته شبه الفردية، أي حدوث اتفاق منفصل مع شاهد آخر أو أكثر. عادة لا تعني هذه الاتفاقات أي شيء بالنسبة لنص الآب، ولكنها تعكس قراءات فردية تم إنشاؤها بشكل مستقل. وإذا تم إدراج مثل هذه البيانات في أي أداة نقدية (من باب عدم إغفال أي بيانات متاحة)، فيجب أن توضع بين قوسين.
ونظرًا لأن هذه اقتراحات ذات طبيعة برنامجية، فمن المأمول أن تخضع للتدقيق الدقيق والمزيد من الصقل. إن استخدام هذه المعايير، بطبيعة الحال، يفترض قدرًا معينًا من المعرفة بالآباء ونصوصهم؛ فأولئك الذين يجمعون ويقدمون هذه النصوص هم في أفضل وضع لتقديم هذا النوع من العمل. نأمل أن يكون ما سيتم تقديمه في المستقبل معينا للآخرين على هذا الطريق.
————————–
31- هذه واحدة من ضمن مشاكل عدة في محاولة بوياسمارد Boismard، بعد تقدم فريق كونيبير Conybeare السابق، لاستخدام اقتباسات الآباء (إلى جانب الترجمات) لاكتشاف نص مبكر مستقل وأكثر ترجيحًا أن يكون أصليا من النص الموجود في المخطوطات اليونانية المبكرة. (انظر الفصل 16 أعلاه). راجع ، نقد متزجر Metzger 1972: 387-95 (الذي يشير إلى الانتقادات السابقة لف. نيرينك Neirynck في53 ETL ]1977[383-99، وروبيرج M. Roberge في LTP 34 ]1978[ 275-89).
32- لاحظ ساجز Suggs 1958:142 هذا لأول مرة. ولقد أكد عملي الخاص مع هذه البيانات على مدار سنوات عديدة صحة هذا الحكم بشكل كامل.
355
على أساس هذه المعايير، يمكن أيضًا تصميم أداة نقدية مستقبلية بحيث تعكس درجة اليقين أو الشك. ويجب أن ترتكز محاولات هذه الأدوات النقدية على مبدأين: من ناحية، لا ينبغي أن نفقد أو نتجاهل أي معلومة واحدة؛ ومن ناحية أخرى، لا ينبغي أن تكون لجميع البيانات المتضمنة قيمة متساوية (كما هو الحال الآن).
لتوضيح مثل هذه الأداة النقدية، أعدت صياغة UBS3 للوقا 10 :41:42، على أساس الدراسة الشاملة إلى حد ما لكل نص من نصوص الأب لمساهمتي في المطبوعة التذكارية لمتزجر Metzger Festschrift 1981
عندما تكون هناك القدرة لجميع أدواتنا النقدية على التمييز بين الاقتباسات الآبائية المؤكدة وتلك والأقل تأكيدًا، وترك الحالات المشبوهة تمامًا، يمكن حينئذ لمستخدمي نصوصنا اليونانية النقدية أن يكونوا أكثر ثقة في قدرتهم على اتخاذ القرارات النصية.
خامسا استخدام الأدلة
الخطوة الأخيرة في العملية هي استخدام هذا الدليل في المهمة المتمثلة في شقين: استعادة نص العهد الجديد الأصلي وكتابة تاريخ انتقاله. لقد لعب الآباء دورًا مهمًا في كل مهمة من هذه المهام لفترة طويلة، كما يظهر من التوضيحات التالية، ونأمل، عندما يتم تقديم وتقييم أدلة أكثر من ذلك بكثير، وذلك بالطريقة الموضحة هنا، سنكون قادرين على القيام بهاتين المهمتين بدقة أكبر.
-
1. الآباء والنص الأصلي للعهد الجديد
لتوضيح أهمية الأدلة الآبائية التي تم تقييمها بعناية، حيث تكون على أعلى درجة من اليقين فيما يتعلق بنص الآب، قد ندرس بمزيد من التفصيل نصين من المناقشة السابقة: لوقا 10 :42 ويوحنا 7 :1
أ) لوقا 10: 42 (33)
في بعض المناقشات حول هذا النص، قيل عنه أنه (1) هو ما يسمى بالقراءة “المختلطة” (“مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور
———————
33- للإطلاع على الصورة الكاملة للدليل، ولمناقشة أكثرتفصيلا، انظر فيي 1981
356
كثيرة. ولكن الحاجة إلى أشياء قليلة، بل حقا إلى واحد فحسب”). هو من تكوين أوريجانوس، و(2) أن القراءة كانت في الأساس ظاهرة مصرية. والتحليل الدقيق للأدلة الأبائية يجعل من الواضح أن ليس أيا من هذه صحيح.
أولاً، أدلة أوريجانوس محفوظة في قصاصتين للسلسلة two catenae fragments: واحدة من إنجيل يوحنا، حيث يذكر ويفسر فقط “الأشياء القليلة” (= اليهودية)؛ والآخر من إنجيل لوقا، حيث يستشهد ويفسر “الأشياء القليلة” (= اليهودية) و”شيء واحد” (= المسيحية). تم التعامل مع هذا الدليل بطريقتين. من ناحية، جادل أ. بيكر A. Baker (1965) بأنه حيث أن أوريجانوس عرف النص فقط مع όλίγων ولأن P75 كانت دليلاً مبكرا من مصر على نص فيه ἑνὸς، كان أوريجانوس نفسه مصدر القراءة “المختلطة” الموجودة في بقية الأدلة المصرية، ومن ناحية أخرى، جادلت مونيكا أوغستين Monika Augsten (1968) بناء على القصاصة من يوحنا بأن أوريجانوس كان هو الدليل المبكر لقراءتها المختلفة، التي تقرأ فقط όλίγων، والذي كانت تعتبرها قراءة لوقا الأصلية.
لكن هذا استخدام مشكوك فيه للأدلة الآبائية، خاصة فيما يتعلق بالثقة التي يوليها كل من العالمين لأوريجانوس في معرفة النص فقط مع όλίγων. هناك شيئان يتعارضان مع ذلك: (1) في هذه القصاصة، لا يقوم أوريجانوس في الواقع “باقتباس” النص، بل إنه في الفقرة كان مهتما بمارثا وحدها، وقد عدل في الفقرة من إنجيل لوقا وخلص إلى اقتباس الجزء المتعلق بها فقط (مارثا، مارثا، عن أشياء كثيرة تعانينها وتشتت انتباهك (περισπάσαι)، ولكن هناك القليل من الأشياء”)، والتي يشرع بعد ذلك في تفسيرها على أنها تشير إلى اليهودية و”الأشياء القليلة” اللازمة في قانون الخلاص هذه هي الحالة الواضحة حيث يغلب المعيار 5.2 (“نص قصير” حيث يكون “الحذف واقع في نهاية الاقتباس). (2) وهذا ما يؤكده أيضًا قصاصة السلسلة catena fragment المكتوبة من إنجيل لوقا، حيث يفسر أوريجانوس كلا الجزأين من النص. تفسير όλίγων ليس هو نفسه فقط في كلتا الحالتين، ولكن يعتمد بشكل واضح على التضاد مع ἑνὸς، وبالتالي يمكن للمرء أن يكون متأكداً، من أن النص الأطول هو الوحيد الذي كان يعرفه أوريجانوس ويستعمله. لم يقتصر على الأمر أنه لم يصنع القراءة الطويلة، بل يعد أوريجانوس نفسه دليلا أكيدا على أن هذه القراءة كانت قراءة مبكرة جدا في مصر.
وثانياً، أن هذه ببساطة ليست قراءة مصرية، وتم التأكد من هذا ببعض الأدلة الآبائية. يقتبس جيروم Jerome هذا النص في رسالة مكتوبة من روما عام 384. وسواء كانت هذه القراءة متاحة في روما أو جاءت من القدس، في كلتا الحالتين كانت موجودة بوضوح خارج مصر. وكذلك الأمر بالنسبة إلى باسيليوس Basil، الذي، شأنه شأن أوريجانوس، ليس فقط أنه لم يعرف إلا هذا النص، بل أنه قدم تفسيرًا للجزءين. وهكذا، على الرغم من أن بقية الأدلة من الشرق تقرأ، ἑνὸς δέ ἐστιν χρεία، فإن باسيليوس Basil وجيروم Jerome يقدمان دليلا لا يمكن تتبعه بسهولة إلى مصر على وجود هذه القراءة في مكان آخر. فمن المحتمل أن يحدد النص الأصلي على أسس أخرى.
ب) يوحنا 7: 1
هنا يقرأ النص “النص القياسي”: ού γάρ ήθελεν έν τή ‘Ιουδαία περιπατείν (“لأنه لم يرغب في المشي في يهودا”). ولكن هناك قراءة أخرى تم العثور عليها في وقت مبكر جدًا من مخطوطات اللاتينية القديمة OL و a b ff2 l r1 وكذلك في المخطوطة W. هي أيضًا القراءة الوحيدة المعروفة ليوحنا فم الذهب: ού γάρ ειχεν εζουσίαν έν τή ‘Ιουδαία περιπατείν (” لأنه لم يكن لديه الحق في أن يتوجه نحو يهودا) وعلى كل حال هذه القراءة الأخيرة هي قراءة صعبة، لدرجة أن يوحنا فهم الذهب شعر بأنه مضطر لتوضيح سبب عدم حصول ابن الله على مثل هذا الحق -كان لهذا علاقة بالقيود المفروضة ذاتيا على انسانيته.
357
إن دليل يوحنا فم الذهب يعتبر جديرا بالملاحظة بشكل خاص. فعلى الرغم من أنه هو الشاهد الوحيد على هذه القراءة في المنطقة الجغرافية التي ظهر منها النص البيزنطي، وهو أحد الشهود الأوائل لها، إلا أنه يشارك في هذه الحالة القراءة مع الأدلة المبكرة وأفضل أدلة الترجمات اللاتينية القديمة OL، وكذلك مع مخطوطة من مصر. من الممكن، بالطبع، أن تكون هذه مجرد قراءة “غربية” وجدت طريقها إلى أنطاكية ومصر وأثرت على يوحنا فهم الذهب وW؛ ولكن من المحتمل بنفس القدر (على الأرجح، كما أعتقد) أننا لدينا هنا شهود مبكرين ومستقلين على النص الأصلي، الذي تم قمعه مبكرًا لأسباب لاهوتية، وعلى أي حال، فإن يوحنا فم الذهب يقوم في هذه الحالة بدور مكافئ لأي مخطوطة، وكدليل مؤرخ (391 م) ومؤكد الموقع الجغرافي (أنطاكية).
قيمة هذه الأدلة، بطبيعة الحال، هي أن يوحنا فم الذهب يسبق بعدة قرون تلك المخطوطات اليونانية الفعلية التي بوجه آخر يتشارك معها في الميول النصية.
مثل هذه المناقشات يمكن العثور عليها مبعثرة في الآداب المكتوبة. وفي كل حالة يلعب نص الآباء دورًا ذا أهمية أساسية، جنبًا إلى جنب مع تقليد المخطوطات اليونانية. ومن هنا كانت الحاجة إلى عرض وتقييم كامل لهذه الأدلة.
-
2. كتابة تاريخ الانتقال
على الرغم من أنه لا يزال هناك العديد من الثغرات الموجودة في البيانات، والعديد من الأماكن التي لا يمكن فيها الوصول إلى الدقة، إلا أن ما نعرفه الآن عن نصوص الآباء الأوائل يمنحنا ثقة معتبرة في تحديد بعض الخطوط العريضة لتاريخ انتقال النص. إن ما نتعلمه من هذه الأدلة يؤكد ما كان معروفًا لفترة طويلة -على الرغم من بعض الاعتراضات من القرن العشرين جاءت بناءً على الأحكام المبكرة من أدلة البرديات ومن العرض غير الكافي للأدلة الآبائية.
من المؤكد الآن وجود شكلين متميزين من العهد الجديد واحد في الشرق وآخر في الغرب. وآخر المؤلفين في الغرب كتابة باليونانية هم (هيبولوتس من رومية Hippolytus of Rom وإيريناوس من ليون Irenaeus of Lyons) كلاهما استخدم النصوص اليونانية التي تبدو كأنها تشبه تلك التي بُنيت عليها الترجمات اللاتينية المبكرة. ترتليان Tertullian وجميع الكتاب باللغة اللاتينية فيما بعد، كانوا يعتمدون بشكل واضح على هذه الترجمات اللاتينية.
تظهر صورة مختلفة في مصر، حيث يبدو النص الأساسي، مثل النص الموجود عند أوريجاونس والمخطوطات اليونانية المبكرة من هذه المنطقة (P75 P46 P72 B وبدرجة أقل P66)، جيدا إلى حد كبير ولكنه ليس مثاليًا، في الحفاظ على النصوص الأصلية نفسها. وعندما انتقل أوريجانوس إلى قيصرية (230 م)، يبدو أنه أخذ معه نسخته السكندرية من إنجيل يوحنا؛ ومع ذلك، بالنسبة لمعظم بقية العهد الجديد، بدأ في استخدام النصوص التي تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك الموجودة في الإسكندرية. يمكن العثور أيضًا على نصوص مختلطة مشابهة إلى حد ما عند كتاب آخرين مبكرين من هذه المنطقة (مثل، يوسابيوس Eusebius، أبيفانيوس Epiphanius، كيرليس الأورشلمي Cyril of Jerusalem، باسيليوس Basil). في هذه الأثناء، يعرض الكتاب اللاحقون في الإسكندرية (ديدموس Didymus، وكيرلس Cyril) نصوصًا بدأت في التغير باتجاه نص يظهر في نفس الوقت في أنطاكية وفي أماكن أخرى. الأب الأقدم والذي له نص موجود وقد استخدم هذا النص الناشئ، هو أستيريوس السفسطائي Asterius the Sophist. كان هذا النص أيضًا يستخدمه يوحنا فم الذهب في أنطاكية ثم في القسطنطينية؛ على الرغم من أنه يشبه نص باسيليوس إلى حد كبير، إلا أنه تم تعديله إلى حد كبير، بحيث كان متشابها بحوالي نسبة خمسة وسبعين في المائة مع النص الذي
358
سوف يهيمن في نهاية المطاف على الكنيسة اليونانية.- وفي الغالب تحت تأثير يوحنا فم الذهب نفسه.
هذه الخطوط العريضة تبدو واضحة، وتكمن الصعوبات في أدلة الآباء في فلسطين وآسيا الصغرى، حيث يبدو أن هناك درجات مختلفة من التركيبات النصية – من أكثر من نوع واحد. على الرغم من أن هذا هو المجال الذي تم فيه القيام بالكثير من العمل في السابق، إلا أن نتائج هؤلاء الذين عملوا فيه كانت في الغالب ذات فائدة قليلة، حيث أن الكثير منهم يمثلون منهجية خاطئة. بمجرد إعادة صياغة هذه الدراسات، مع تقديمات وتقييمات كاملة، لا يزال من الممكن كتابة بعض تفاصيل النص (أو النصوص) في هذه المناطق بمزيد من الدقة.
وخلاصة هذا القول، أن هناك الكثير قد تم. ولكن لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به. وستكون الدراسات المستقبلية ذات فائدة أكبر للجميع إذا أخذوا الاقتراحات المقدمة في هذا البحث على محمل الجد.