قواعد للنقد النصي
من كتاب (نص العهد الجديد) تأليف كورت ألاند وباربارا ألاند
ترجمة د. مختار عبد الفتاح
- فقط قراءة واحدة تكون هي الأصلية، مع هذا فقد يكون هناك العديد من قراءات الاختلافات. في حالات نادرة جدًا فقط، يقدم تماسك تقليد العهد الجديد رابطًا غير قابل للانحلال بين قراءتين بديلتين أو أكثر. لا ينبغي حل الصعوبات النصية عن طريق التخمين، أو عن طريق وضع اللمسات أو الإقحامات، وما إلى ذلك، حيث لا يظهر التقليد النصي نفسه أي قطع؛ مثل هذه المحاولات ترقى إلى مستوى الاستسلام في مواجهة تلك الصعوبات وهي نفسها تعتبر انتهاكات صارخة للنص.
- فقط تلك القراءة التي تفي بمتطلبات كل من المعايير الخارجية والداخلية بشكل أفضل يمكن لها أن تكون أصلية.
- يجب أن يبدأ النقد النصي دائمًا من الدليل الموجود في تقليد المخطوطات وبعد ذلك فقط نستطيع أن نتحول إلى دراسة المعايير الداخلية.
- لا يمكن مطلقًا أن تكون المعايير الداخلية (سياق الفقرة، أسلوبها ومفرداتها، والبيئة اللاهوتية للمؤلف، وما إلى ذلك) هي الأساس الوحيد لقرار نقدي حاسم، لا سيما عند التعارض مع الأدلة الخارجية.
- تكمن السلطة الأساسية لاتخاذ قرار نقدي نصي في التقليد الخاص بالمخطوطات اليونانية، حيث لا تخدم الترجمات وكتابات الآباء أكثر من وظيفة تكميلية وداعمة، خاصة في الفقرات التي لا يمكن فيها إعادة بناء نصها اليوناني الأساسي بيقين مطلق.
- وعلاوة على ذلك، ينبغي أن توزن قيمة المخطوطات، لا أن تُحسب أعدادها، ويجب على هذا الأساس أن نضع المواصفات المميزة لكل مخطوطة في الاعتبار طبقا للأصول. ومهما بلغت أهمية البرديات المبكرة، أو مخطوطة أحرف كبيرة فريدة، أو مخطوطة أحرف صغيرة، فلا يوجد مخطوطة مفردة أو مجموعة مخطوطات قابلة للتتبع بطريقة ميكانيكية مجردة، على الرغم من ذلك توجد بعض تركيبات شهود بعينها ممن تستحق درجة أكبر من الموثوقية عما يستحقه غيرها. بدلاً من ذلك، يجب أن تتخذ القرارات في النقد النصي من جديد، فقرة تلو فقرة (المبدأ المحلي).
- إن المبدأ القائل بوجود القراءة الأصلية في أية مخطوطة مفردة أو ترجمة عندما تشهد بمفردها أو تقريباً بمفردها هو مبدأ يمثل احتمالية نظرية فحسب. لن ينجح إلا بصعوبة أيّ شكل من أشكال الانتقائية التي تقبل هذا المبدأ في تأسيس النص الأصلي للعهد الجديد؛ لكن سوف يؤكد فقط الرؤية التي يعرضها للنص حسب منظوره الذي يفترضه.
- يعد إعادة بناء جذع تشجيري من القراءات لكل اختلاف (مبدأ الأنساب) أداة مهمة للغاية، لأن القراءة التي يمكن أن تفسر اشتقاق الأشكال الأخرى بسهولة أكثر هي نفسها القراءة الأصلية على الراجح.
- إن الاختلافات لا يجب مطلقاً معالجتها بمعزل عن باقي النص، لكن علينا أن نأخذ سياق التقليد للنص كاملاً دوماً بعين الاعتبار. وإلا فسيكون هنالك خطر جسيم على عملية إعادة بناء “نص أنبوبة اختبار test tube text” لم يكن موجوداً من قبل في أي زمان أو مكان.
- هنالك حقيقة ما في المعنى الذي قد نفهمه من عبارة: lectio difficilior lectio potior (“القراءة الأكثر صعوبة هي القراءة الأكثر احتمالًا”). ولكن يجب ألا يؤخذ هذا المبدأ بشكل تلقائي للغاية، بحيث يتم تبنى القراءة الأكثر صعوبة (lectio difficilima) كقراءة أصلية ببساطة هكذا فقط بسبب درجة صعوبتها.
- إن المعنى المبجل لعبارة lectio brevior lectio potior (“أقصر قراءة هي القراءة الأكثر احتمالاً”) هو معنى صحيح بالتأكيد في العديد من الحالات. ولكن هنا مرة أخرى لا يمكن تطبيق المبدأ بطريقة تلقائية. فهو لا ينطبق على الشهود التي تختلف نصوصها بشكل كبير عن الأنماط المميزة للتقاليد النصية، مع الإسقاطات المتكررة أو التوسعات التي تعكس الميول التحريرية للمحررين (مثل، مخطوط D). ولا ينبغي كذلك تطبيق قاعدة الإبهام المقبولة عادة بأن الاختلافات المتوافقة مع المقاطع الإزائية أو مع الترجمة السبعينية في اقتباسات العهد القديم كنصوص ثانوية بشكل تلقائي صرف. الثبات الأعمى على تلك القواعد يمكن أن يكون بنفس الخطورة هنا كما هو الحال في القاعدة السابقة رقم 10 (lectio difficilior القراءة الأصعب).
- إن التآلف المستمر مع نصوص مخطوطات العهد الجديد نفسها هو التدريب الأفضل على علم النقد النصي. يجب أن يتمتع أي شخص مهتم بالمساهمة بجدية في النقد النصي بتجربة إجراء مقارنة كاملة لواحدة على الأقل من البرديات المبكرة الكبيرة، وإحدى مخطوطات الأحرف الكبيرة الكبرى، وإحدى مخطوطات الأحرف الصغيرة ذات الأهمية. في النقد النصي، غالباً ما يكون الممارس النظري البحت مصدر ضرر أكثر منه للنفع.