العلاقات النصية بين المخطوطات (العائلات النصية أو أنواع النصوص):
تعد وفرة المخطوطات المكتشفة للعهد الجديد مشكلة للناقد النصي، لأنه لا يوجد نسختان متشابهتان تمامًا، وكلما زاد عدد النسخ، زاد عدد الاختلافات فيما بينها، وبعض الاختلافات بسيطة ولكن كثير منها هام ومؤثر. وعلى الرغم من أنه لا يوجد مخطوطتان متطابقتان، لكن العديد منها متشابهين إلى درجة أنهم يميلون إلى تجميع أنفسهم في ثلاثة عائلات رئيسية من النصوص (أنواع النصوص). يمكن التعرف على أنواع النصوص هذه على أساس
(1) النسبة المئوية للاتفاق بين بعض المخطوطات مع بعضها البعض بالنسبة لإجمالي مساحة الاختلافات و
(2) مقدار الاتفاق الذي يكون لدى هذه المخطوطات في القراءات المختلفة الخاصة بهم.
أولاً: النص السكندري (المصري)،
وهو مجموعة من المخطوطات لها جميع مظاهر النصوص “المحلية”، لأنها مستمدة أساسًا من الإسكندرية في مصر. ومنها البرديات P75 و P66 (حوالي 200 ميلادي) والبردية P46 (حوالي 225م) و البرديةP72 (حوالي 275م) والمخطوطة الفاتيكانية Β (حوالي 325م)، و اقتباسات اوريجانوس (225-250م). كما يتم دعمها أيضا لكن بدرجة أقل مخطوطات أخرى على سبيل المثال، السينائية (ᶍ) و غيرها (e.g. C L W 33) واقتباسات الآباء السكندريون اللاحقون مثل ديداموس الأعمى وأثناسيوس وكيرلس. ولسنوات عديدة، اعتبر النقاد النصيون أن هذا النوع النصي (النص المصري) هو رواية منقحة بعناية يعود تاريخها إلى القرن الثالث، وتم إنشاؤها بواسطة أفضل العلماء السكندريين على أساس المخطوطات القديمة الجيدة.
ثانيا: النص الغربي:
و يتساوى مع النص السكندري في القدم وتمثل “العائلة الغربية” مجموعة من المخطوطات على رأسها المخطوطة بيزا D، والتي ترتبط بشكل واضح بمئات من القراءات غير العادية، والتي توجد أحيانًا في واحدة أو العديد منها ، وتعكس على ما يبدو أنماط غير متحكم بها، وأحيانًا “جامحة” من تقاليد النسخ والترجمة. ويتميز هذا النوع النصي بشكل خاص بحالات من إعادة الصياغة المطولة والإضافات الطويلة، بالإضافة إلى الميول التوفيقية والتجنيسية واستبدال المترادفات. في الواقع، النص الغربي لأعمال الرسل أطول بحوالي 10 في المائة من النصوص الأخرى ويعكس بالتأكيد مراجعة مبكرة له.
ثالثا: النص “البيزنطي” أو “نص الأغلبية”،
وهو يشكل أكثر من ثمانين بالمئة من اجمالي المخطوطات المتوفرة، وهو نوع نصي متأخر، فإنه لا يظهر تاريخيا حتى عام 350 ميلادي، ولكن حتى ذلك الحين فإن أصوله يكتنفها الغموض. وتظهر القراءات الخاصة بهذا النص أولاً من مجموعة من الكتاب المرتبطين بكنيسة أنطاكية: وهو متوافق حوالي تسعين بالمئة على طول الطريق مع النص البيزنطي الكامل في العصور الوسطى. وأقدم مخطوطة تعكس هذا النص هي السكندرية (المخطوطة A؛ حوالي 475م –في الأناجيل الأربعة فقط)، في حين أن أقدم الشهود الكاملين لها هي مخطوطات من القرن الثامن (E و Ω). ومعظم القراءات الخاصة بهذا النص “البيزنطي” معروفة عموما بأنها ذات طبيعة ثانوية. وهناك عدد كبير منها ممهدة القواعد اللغوية. بإزالة للغموض في ترتيب الكلمات؛ إضافة الأسماء، والضمائر، وحروف الجر. وتوفيق أو تجنيس للعبارة مع أخرى. كما وأن قراءاتها المختلطة عديدة (على سبيل المثال، مرقس 49:9)، حيث يجمع نوع النص البيزنطي بين الإختلافات البديلة للنصوص المصرية والغربية، مما يدل على أن هذه الطريقة ثانوية خضعت للتحرير.
ويضيف بعض العلماء أيضًا نصًا رابعا وهو
تدعمه أحيانًا المخطوطات P45 وW وغيرها واستشهادات بعض الآباء. وهناك بالفعل علاقة نصية واضحة بين هؤلاء الشهود (خاصةً في مرقس)، ولكن ما إذا كانت تشكل نوعًا نصيا منفصلًا، أو بعض مزيج غير عادي من الثلاثة الآخرين، لا يزال موضع شك. وعلى الرغم من وجود اتفاق عام على جعل هذه التقسيمات من النصوص مهمة ممكنة وضرورية، تظل أهمية هذه المجموعات موضع خلاف. “إيب و فيي ص 6-8”
أهم المخطوطات (حروف كبيرة) الكاملة وشبه كاملة
المخطوطة السينائية (ᶍ):
هي مخطوطة للكتاب المقدس المسيحي مكتوب في منتصف القرن الرابع بين عامي 325 و360 وتحتوي على أقدم نسخة كاملة للعهد الجديد , الكتابة في المخطوطة باللغة اليونانية , العهد الجديد مكتوب باللغة اليونانية القديمة (Koine), وتحتوي على العهد القديم المعروف بالترجمة السبعينية التي تم إعتمادها بواسطة المسيحيين الأوائل المتحدثين باللغة اليونانية . تمت إضافة العديد من الحواشي وكم كبير من التصحيحات للعهد القديم والجديد معاً بواسطة سلسلة طويلة من المصححين وزمن هذه التصحيحات يتراوح ما بين زمن النساخ الأصليين من القرن الرابع إلى الذين قاموا بالتصحيح في القرن الثاني عشر وتتراوح هذه التصحيحات بين تغيير كلمات إلى إضافة نصوص كاملة .. للمخطوطة السينائية أهمية هائلة بالنسبة لتاريخ الكتاب المقدس وبالأخص لإعادة تكوين النص الأصلي للعهد الجديد .
توجد المخطوطة اليوم في المكتبة البريطانية، جامعة لايبزك والمكتبة الوطنية الروسية.
المحتوى: معظم الأسفار القانونية وبعض الأبوكريفا مثل رسالة برنابا وراعي هيرماس.
المخطوطة الفاتيكانية (B):
أهمّ مخطوطة يونانية للعهد القديم (النص السبعيني) والعهد الجديد (مع السينائية)
وهي محفوظة في مكتبة الفاتيكان. يشار للمخطوطة في الدراسات النصية بـالحرف B أو الرقم 03.
العمر: تعود المخطوطة للقرن الرابع الميلادي، ولكن بعض أجزائها تلف، فتم تعويضه عبر عدة عصور آخرها القرن الخامس عشر.
نوعية النص: يصنف نص المخطوطة الفاتيكانية ضمن النص السكندري (المصري) من عائلات نصوص العهد الجديد.
النواقص: لا تحوي المخطوطة على معظم سفر التكوين وجزء من المزامير في العهد القديم، وجزء من الرسالة إلى العبرانيين وكل رسائل تيموثاوس الأولى والثانية وتيطس وفليمون وسفر الرؤيا في العهد الجديد ولكن سفر الرؤيا الاصلي مفقود منها واضيف اليه واحد من مخطوطة احدث في القرن الخامس عشر.
المخطوطة الإسكندرانية (A):
المخطوطة الإسكندرانية من أهم مخطوطات العهد الجديد، وتحتوي المخطوطة على أغلب ترجمات التوراة والعهد الجديد. لكنها ليست كاملة. (ينقصها من العهد الجديد إنجيل متى كله تقريباً وجزء من إنجيل يوحنا، ومعظم الرسالة الثانية إلى كورنثوس)، كما تحوي المخطوطة زيادات: في العهد الجديد رسالتي كليمنتوس، وفي العهد القديم هناك مزامير لسليمان. إنها واحدة من أربع مخطوطات ترجع إلى الإسكندرية وقد تأثرت بمشاعر عديدة، من الغنوصية وأيضا الفاتيكانية والسينائية. وتعود المخطوطة (A) للقرن الخامس الميلادي وهي مخطوطات من الإنجيل اليوناني .انها واحدة من أقدم المخطوطات وأكثرها اكتمالا من الكتاب المقدس. كانت أول مخطوطة تحتوي على نصوص وخطابات كثيرة. تاخذ المخطوطة اسمها من مدينة الإسكندرية التي بقيت فيها لسنوات عدة إلى أن احضرها البابا سيريال ليوكاريس بطريرك الأرثوذكس الشرقيون من الإسكندرية إلى القسطنطينة. وقد كانت من أفضل مخطوطات الإنجيل اليونانى الموجودة في بريطانيا. ثم تم إيداعها أخيرا إلى جانب المخطوطات السينائية في معرض ريتبلت في مكتبة بريطانيا. وقد تم تعديل بعض من نصوص المخطوطة منذ القدفم هي تحتوي علي مجموعه من التصحيحات من نفس النساخ وبعضها من مصححين لاحقين وملاحظ ان المصححي اللاحقين حاولوا ان يمحوا بعض الجمل التي تؤيد النص التقليدي البيزنطي ويجعلوه النص الاسكندري. وهي تتارجح بين مؤيد للنص البيزنطي (كما في الأناجيل) وبين مخالف له في بعض الأحيان.
مخطوطة بيزا (D):
وهي مخطوطة للعهد الجديد ويرجع تاريخها للقرن الخامس أو السادس الميلادي، مكتوبة على ورق الرق
تحتوي على أغلب الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل، في كل من نسختيها اليونانية واللاتينية مع جزء صغير من رسالة يوحنا الثالثة. وتعد الممثل الرئيسي لما يعرف “بالنص الغربي” (Western text). ولنصوصها بعض الظواهر المميزة، كما أن سفر الأعمال فيها يزيد بمقدار العشر عن النص المألوف.
ويتميز ناسخها بصفة الزياده فناسخها يميل الي التفسير وبنيت عليها نظرية الزيادات الغربية
وهي متاحة في جامعة كامبريدج.
مخطوطة واشنطون (W):
وتسمى أيضاً مخطوطة واشنطونيانس
وقيل انها ترجع إلى القرن الرابع أو القرن الخامس الميلادي،
وهي تحتوي علي الاربع اناجيل فيما عدا اجزاء قليله مفقودة من مرقص ويوحنا، وقد أعيد كتابة فقرات من يوحنا مره اخري حديثا.
نصها مزيج غير عادي من الثلاثة البيزنطي ( النص المستلم) و النص الاسكندري والغربي.
وهذه المخطوطه اكتشفت سنة 1906 في بعض الخرابات القديمة في ديميت مصر
محفوظة في قسم فرير للفن في معهد سيمشسونيان في واشنطن دي سي.
المخطوطة تحتوي على الكثير من المساحات البيضاء في كل صفحة.
المخطوطة الأفرايمية (C)
وهي من أهم مخطوطات باللغة اليونانية للعهد الجديد على رقوق أعيد استعمالها بعد محو الكتابة التي كانت عليها قبلاً. وتوجد هذه المخطوطة في المكتبة القومية في باريس، ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي، وكانت أصلاً تضم كلا العهدين القديم والجديد، وفي القرن الثاني عشر تم محو النص الكتابي من عليها فنزعت معظم أوراقها، وما بقي منها كتبت عليه بعض أقوال أفرام السرياني. وقد تمكن تيشندورف من قراءة النص الكتابي ونشره، إلا أنه استخدام الكيماويات في محاولة إظهار الكتابة الأصلية، قد شوه المخطوطة بدرجة كبيرة والبعض يقول ان هذه المحاوله تمت قبله. وتضم الأجزاء المتبقية من المخطوطة أجزاء من معظم أسفار العهد الجديد. قيمت بعلم باليوجرافي بانها تعود الي القرن الخامس وتعرضت لمحاولتين من التصحيح قبل مسحها وفقط تم تصحيح اخطاء قليله. وهي مخطوطه مختلطة بين الاسكندري والبيزنطي، وكورت ألاند وضعها في المجموعه الثانية ولكن سويدن اعتبرها من شواهد النص الاسكندري ولكن هي موقفها أعقد من ذلك فهي في الاناجيل تميل الي التقليدي أكثر فيما عدا مقاطع قليله اسكندري نقي ولكن في الرسائل الوضع يختلف، وللاسف هي مخطوطه صعب ان يسترجع نصها بالكامل لما تعرضت له.